سورة محمد - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (محمد)


        


{الذين كفروا} أهل مكَّة {وصدوا عن سبيل الله} ومنعوا النَّاس عن الإيمان بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {أضلَّ أعمالهم} أحبطها، فلا يرون في ألآخرة لها جزاءً. وقوله: {كفَّر عنهم سيئاتهم} أَيْ: سترها وغفرها لهم {وأصلح بالهم} أمرهم وحالهم.
{ذلك} الإِضلال والتَّكفير لاتِّباع الكافرين الباطل، وهو الشَّيطان، واتِّباع المؤمنين الحقَّ، وهو القرآن. {كذلك يضرب الله للناس أمثالهم} أَيْ: كالبيان الذي ذُكر يُبيِّن الله للنَّاس أمثال سيئات الكافرين وحسنات المؤمنين.
{فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فاضربوا رقابهم، أَيْ: فاقتلوهم {حتى إذا أثخنتموهم} أكثرتم فيهم القتل {فشدوا} وثاق الأسارى حتى لا يفلتوا منكم {فإمَّا منَّاً بعد} أَيْ: بعد أن تأسروهم؛ إمَّا مننتم عليهم فأطلقتموهم؛ وإمَّا أن تُفادوهم بمالٍ {حتى تَضَعَ الحرب أوزارها} أَيْ: اقتلوهم وأسروهم حتى لا يبقى كافرٌ يقاتلكم، فتسكن الحرب وتنقطع، وهو معنى قوله: {تضع الحرب أوزارها} أَيْ: يضع أهلها آلة الحرب من السِّلاح وغيره، ويدخلوا في الإِسلام أو الذِّمَّة. {ذلك} أَيْ: افعلوا ذلك الذي ذكرت {ولو يشاء الله لانتصر منهم} أهلكهم بغير قتالٍ {ولكن ليبلو بعضكم ببعض} يمحِّص المؤمنين بالجهاد، ويمحق الكافرين {والذين قتلوا في سبيل الله} وهم أهل الجهاد.
{سيهديهم} في الدُّنيا إلى الطَّاعات، وفي الآخرة إلى الدَّرجات {ويصلح بالهم} أمر معاشهم.
{ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم} بيَّن لهم مساكنهم فيها، وعرَّفهم منازلهم.
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله} أَيْ: رسوله ودينه {ينصركم ويثبت أقدامكم} في مواطن القتال.
{والذين كفروا فتعساً لهم} أَيْ: سقوطاً وهلاكاً {وأضلَّ أعمالهم} أبطلها؛ لأنَّها كانت للشَّيطان.


ثمَّ توعَّدهم فقال: {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمَّر الله عليهم وللكافرين أمثالها} أَيْ: أمثال تلك العاقبة التي كانت لمَنْ قبلهم.
{ذلك} أَيْ: ذلك النَّصر للمؤمنين والهلاك للكافرين {بأنَّ الله مولى الذين آمنوا} وليُّهم وناصرهم {وأن الكافرين لا مولى لهم} لا وليَّ لهم ينصرهم من الله.
{والذين كفروا يتمتعون} في الدُّنيا {ويأكلون كما تأكل الأنعام} ليس لهم همَّةٌ إلاَّ بطونهم وفروجهم، ثمَّ يصيرون إلى النَّار.
{وكأين من قرية هي أشدُّ قوة من قريتك التي أخرجتك} يعني: مكَّة، أخرجك أهلها {أهلكناهم} بتكذيبهم الرُّسل {فلا ناصر لهم}.
{أفمن كان على بينة من ربه} وهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنون {كمَنْ زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم} وهم أبو جهل والكفَّار.
{مثل} صفة {الجنَّة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماءٍ غير آسن} غير متغيِّرِ الرَّائحة {وأنهار من خمر لذة للشاربين} لذيذة.
{ومنهم مَنْ يستمع إليك} يعني: المنافقين {حتى إذا خرجوا من عندك} كانوا يستمعون خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا خرجوا سألوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً وإعلاماً أنَّهم لم يلتفتوا إلى ما قال، يقولون: {ماذا قال آنفاً} أَيْ: الآن. وقوله: {وآتاهم تقواهم} أَيْ: ثواب تقواهم، ويجوز أن يكون المعنى: وألهمهم تقواهم ووفَّقهم لها.


{فهل ينظرون} ينتظرون {إلاَّ الساعة} القيامة {أن تأتيهم بغتة} أَيْ: هم في الحقيقة كذلك؛ لأنَّه ليس الأمر إلاَّ أن تقوم عليهم السَّاعة بغتةً {فقد جاء أشراطها} علاماتها من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وغيره {فأنى لهم إذا جاءتهم} السَّاعة {ذكراهم} أَيْ: فمن أين لهم أن يتذكَّروا أو يتوبوا بعد مجيء السَّاعة.
{فأعلم أنه لا إله إلاَّ الله} أَيْ: فاثبت على ذلك من علمك. {والله يعلم متقلبكم} مُتصرِّفكم في أعمالكم وأشغالكم. وقيل: مُتقلَّبكم من الأصلاب إلى الأرحام. {ومثواكم} مرجعكم في الدُّنيا والآخرة.
{ويقول الذين آمنوا} حرصاً منهم على الوحي إذا استبطؤوه: {لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة} غير منسوخةٍ {وذكر فيها} فُرِضَ {القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض} أَيْ: المناققين {ينظرون إليك} شزراً {نظر المغشي عليه من الموت} كنظر مَنْ وقع في سكرات الموت، كراهة منهم للقتال. {فأولى لهم}.
{طاعة وقول معروف} أَيْ: لو أطاعوا وقالوا لك قولاً حسناً كان ذلك أولى. {فإذا عزم الأمر} أَيْ: جدَّ الأمرُ ولزم فرض القتال {فلو صدقوا الله} في الإِيمان والطَّاعة {لكان خيراً لهم}.
{فهل عسيتم إن توليتم} أَيْ: لعلَّكم إن أعرضتم عمَّا جاء به محمد عليه السَّلام أن تعودوا إلى أمر الجاهليَّة، فيقتل بعضكم بعضاً، وهو قوله: {أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} أَيْ: بالبغي والظُّلم والقتل.

1 | 2